إن العلمَ بالملائكة من الأمور الغيبية التي لا يصل إليها العقلُ المجرد،وإنما السبيل لمعرفتهم هو الخبر الصادقُ عن الله عز وجل أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد جاءت الأخبار التي تفيد بوجود الملائكة وتذكر صفاتهم الخَلقية والخُلقية :
1) أولو أجنحة :
ذكر القرآن الكريم أنَّ للملائكة أجنحة. قال تعالى : {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) سورة فاطر .
وممن زاد الله في عدد أجنحته جبريل عليه السلام،فعَنِ الشَّيْبَانِىِّ قَالَ سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( ففَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) [النجم : 9 - 11] ) قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ .[1]
2) قدراتهم على التمثل بالبشر :
وهب الله سبحانه وتعالى ملائكته القدرة على التمثل بصور البشر. فقال عن جبريل عليه السلام في قصة مريم العذراء{فَا
تَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (17) سورة مريم،وقال في قصة ضيف إبراهيم من الملائكة عليهم السلام الذين جآءوه على صورة بشر {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} (24
) سورة الذاريات.وكان جبريل عليه السلام يتمثل في صورة دحية الكلبي رضي الله عنه. وعَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ،قَالَ : أُنْبِئْتُ ؛أَنَّ جِبْرِيلَ،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم،وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ،فَجَعَلَ يُحَدِّثُ،ثُمَّ قَامَ،فَقَالَ النَّبِيُّ r لأُمِّ سَلَمَةَ : مَنْ هَذَا،أَوْ كَمَا قَالَ ؟ قَالَ : قَالَتْ : هَذَا دِحْيَةُ،قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : ايْمُ اللهِ،مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ،حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ نَبِيِّ اللهِصلى الله عليه وسلم يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ،أَوْ كَمَا قَالَ.قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ : فَقُلْتُ لأَبِي عُثْمَانَ : مِمَّنَ سَمِعْتَ هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.."[2]
وعَنْ جَابِرٍ،أَنَّ رَسُولَ اللهِ r قَالَ:عُرِضَ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ،فَإِذَا مُوسَ
ى ضَرْبٌ مِنَ الرِّجَالِ،كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ،وَرَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ،وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ،صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ،فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا صَاحِبُكُمْ،يَعْنِي نَفْسَهُ،وَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ،عَلَيْهِ السَّلاَمُ،فَإِذَا أَقْرَبُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ شَبَهًا دَِحْيَةُ.(رواه مسلم )[3]- يعني أنه يشبهه حين يتمثل في صورته الآدمية .
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِى عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ ». قَالَ صَدَقْتَ. قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ». قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ « مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ». قَالَ فَأَخْبِرْنِى عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ « أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ ». قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِى « يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ ». قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ « فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ »[4].
3) لا ينالهم سأم ولا عجز ولا فتور في عبادتهم :
عَلاَقَةُ الْمَلاَئِكَةِ بِاللَّهِ هِيَ عَلاَقَةُ الْعُبُودِيَّةِ الْخَالِصَةِ وَالطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالْخُضُوعِ الْمُطْلَقِ لأَِوَامِرِهِ عَزَّ وَجَل ، قَال تَعَالَى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ، قَال اللَّهُ تَعَالَى : {إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} (206) سورة الأعراف .
وَهُمْ مُنْقَطِعُونَ دَائِمًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ، كَمَا وَرَدَ فِي الآْيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ .[5]
وعَنْ جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَا فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدِمٍ ، وَلا شِبْرٍ ، وَلا كَفٍّ ، إِلا وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قَالُوا : جَمِيعًا سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ ، إِلا أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا ".[6]
وعَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ لَهُمْ: " هَلْ تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ ؟ " قَالُوا: مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنِّي لَأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ، وَمَا تُلَامُ أَنْ تَئِطَّ ، وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلَّا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ إمَّا سَاجِدٌ، وَإِمَّا قَائِمٌ "[7]
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " إِنَّ السَّمَاءَ أَطَّتْ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَفِيهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ , وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ "[8]
فالملائكة كثيرو الطاعة والعبادة لله تعالى: حمدا وتسبيحا وتنزيها وطاعةٌ لأوامره دون كللٍ أو مللٍ، قال الله تعالى : {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) }[الأنبياء/19-20]
والملائكة،الذين هم عند اللّه بهذا المكان الرفيع،لم تخرج بهم منزلتهم هذه عن أن يكونوا عبادا من عباد اللّه يدينون له بالولاء ويتقربون إليه بالعبادة : « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ».. إنهم فى عبادة دائمة متطلة،وذكر للّه لا يفترون عنه!
والسؤال هنا،هو : إذا كان الملائكة على هذا الصفاء النورانى الذي خلقوا منه،وعلى تلك العبادة الدائبة والطاعة الدائمة،فلم هذا الخوف ؟ ولم تلك الخشيه ؟ كما يقول سبحانه : « وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ » (13 : الرعد) والجواب على هذا،هو أن الملائكة لقربهم من اللّه سبحانه وتعالى،ولكمال معرفتهم بماله سبحانه وتعالى من جلال وكمال ـ هم أكثر عباد اللّه ولاء للّه،وانقيادا له،وفناء فيه .. فمن كان باللّه أعرف كان منه أخوف،ومن كان إلى اللّه أقرب كان لجلاله وسلطانه أرهب.!
يقول اللّه سبحانه وتعالى : « إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ ».. فالعلماء باللّه،العارفون به،هم أكثر الناس خشية له،وولاء لذاته .. والملائكة يعلمون أكثر مما يعلم العالمون من جلال اللّه وسلطانه،وعظمته ..[9]
وقال الله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } (38) سورة فصلت.
أي إن استكبر هؤلاء المشركون عن عبادة اللّه،وأبوا أن يعطوا ولاءهم خالصا مطلقا له،فاللّه سبحانه وتعالى فى غنى عنهم،وإن استكبارهم هذا سيوقعهم تحت غضب اللّه،الذي لا يرجون له وقارا،ولا يخشون له بأسا .. وهذا ضلال مبين منهم،باستخفافهم بقدرة اللّه وبأس اللّه .. فالملائكة الذين هم أقرب خلق اللّه إليه سبحانه ـ وهم الملائكة المقربون ـ لم يكن لهم من هذا القرب ما يخليهم من خوف اللّه وخشيته لحظة واحدة،بل لقد كان خوفهم من اللّه وخشيتهم للّه على قدر قربهم منه .. فكلما ازدادوا قربا من اللّه ازدادوا خوفا وخشية،لأنهم يرون من جلال اللّه،ويشهدون من عظمته وقدرته مالا يشهده غيرهم .. وإنه على قدر المعرفة والشهود،تكون الخشية ويكون الولاء،ولهذا فهم يسبحون الليل والنهار،فى صورة متصلة دائمة،« لا يسأمون » من هذا التسبيح،ولا يملّون،بل يزدادون مع دوام التسبيح نشاطا وقوة،لما يجدون من لذة ورضا بهذا الذكر المتصل الذي لا ينقطع به أنسهم وحبورهم فى مناجاة ربهم ..[10]
وعَنْ حَكِيمِ بن حِزَامٍ،قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ،إِذْ قَالَ لَهُمْ : " تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ ؟ " قَالُوا : مَا نَسْمَعُ مِنْ شَيْءٍ،قَالَ : " إِنِّي لأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ،وَمَا تُلامُ أَنْ تَئِطَّ،وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ "رواه الطبراني.[11]
4) قدراتهم العظيمة :
لقد خلق الله الملائكة بقدرات عظيمة تتناسب مع ما كلفهم به من أعمال، مثل : تدبير أمر الخلائق،وحراسة السماء،وإهلاك الظالمين،ونفخ الأرواح وقبضها،ونفخ الصور،والقيام بأعمال خزانة الجنة والنار كما سيأتي تفصيله .
5) تأذيهم مما يتأذى منه بنو آدم :
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ - وَقَالَ مَرَّةً مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ - فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ » رواه مسلم.[12].
6) لا يأكلون ولا يشربون ولا يتناكحون :
قدم النبي إبراهيم عليه السلام لضيفه من الملائكة عجلاً حنيذا فلم يأكلوا منه،قال تعالى :{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28)} [الذاريات : 24 - 28]
قوله تعالى : « فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ »..راغ لأهله : أي مال إلى أهله،وانسرب إليهم فى خفة من غير أن يكاشف ضيفه بما يريد من إكرامهم وإعداد الطعام لهم .. فذلك من شأنه أن يحرج الضيف،ويحمله على أن يطلب إلى مضيفه ألّا يفعل
قوله تعالى : « فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ » ؟ ـ هنا إيجاز حذف دلّ عليه المقام ..أي فقرّبه إليهم،فلم يمدّوا أيديهم إليه،ولم يقبلوا على الأكل منه،كما هو شأن الضيف حين يقدّم إليه .. الطعام فلما رأى ذلك منهم نكرهم،وأوجس منهم خيفة،وقال : « أَلا تَأْكُلُونَ ؟ »..
قوله تعالى : « فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ »..وهنا كلام محذوف أيضا .. « قال ألا تأكلون ».. فلم يأكلوا،ولم يستجيبوا لهذه الدعوة المجددة إليهم « فأوجس منهم خيفة » أي فازداد إحساسه بالخوف منهم،وقوى عنده الشعور الذي وقع فى نفسه من أول دخولهم عليه،ولقائهم له ..
« قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم » ـ أي أنهم حين رأوا ما انطبع على وجه إبراهيم من أمارات التوجس والخوف،سكنوا من روعه،وقالوا له : لا تخف،ثم ألقوا إليه بهذه البشرى المسعدة،وهى أن يولد له الولد الذي كان ينتظره منذ شبابه الأول،وها هو ذا وقد بلغ من الكبر عتيّا،وأخلى يديه من هذا الأمل الذي كان يراوده،وخاصة أن امرأته كانت عقيما،ثم اجتمع مع هذا العقم تجاوزها العمر الذي تلد فيه النساء ـ ها هو ذا يتلقّى هذه البشرى المسعدة.والغلام الذي بشر به هو إسحق،من زوجه سارة .. « والعليم »،مبالغة من العلم،والعلم كان صفة بارزة من صفات إسحق،كما كان الحلم الصفة البارزة فى إسماعيل،كما يقول سبحانه : « فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ » (101 : الصافات).[13]
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: اتفقوا على أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون،يسبحون الليل والنهار لا يفترون،وأما الجن والشياطين فإنهم يأكلون وشربون،قال عليه السلام في الروث والعظم : "إنه زاد إخوانكم من الجن" وأيضاً فإنهم يتوالدون قال تعالى : {أَفَتَتَّخِذُونَه وَذُرِّيَّتَه ا أَوْلِيَآءَ مِن دُونِى} (الكهف : 50)..[14]
7)- نفي الأنوثة عنهم :
أنكر القرآن الكريم أشد الإنكار على المشركين الذين وصفوا الملائكة بالأنوثة فقال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (19) سورة الزخرف .
وقال في الوجيز : "لا يوصفون بالذكورة والأنوثة،ولا يتناكحون،ولا يتناسلون .والملائكة لا يأكلون ولا يشربون،وإنَّما طعامهم التسبيح والتهليل ولا يملون،ولا يفترون،ولا يتعبون،ويتصفون بالحسن،والجمال،والحياء،وا لنظام . "[15]
8)- قابليتهم للفناء والموت :
يجوز في حق الملائكة الفزع والفناء والموت لقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (88) سورة القصص .
ولقوله تعالى : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ } (68) سورة الزمر.
والملائكة ممن تشملهم الآية لأنهم من ساكني السماء،قال تعالى :{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (64) سورة مريم.
9)- كثرة عددهم :
قال تعالى في سياق الحديث عن الملائكة : {.. وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (31) سورة المدثر،
إنها كلمة جامعة لإبطال التخرصات التي يتخرصها الضالون ومرضى القلوب عند سماع الأخبار عن عالم الغيب وأمور الآخرة من نحو: ما هذا به أبو جهل في أمر خزنة جهنم يشمل ذلك وغيره، فلذلك كان لهذه الجملة حكم التذييل.
والجنود: جمع جند وهو اسم لجماعة الجيش واستعير هنا للمخلوقات التي جعلها الله لتنفيذ أمره لمشابهتها الجنود في تنفيذ المراد.
وإضافة رب إلى ضمير النبي صلى الله عليه وسلم إضافة تشريف، وتعريض بأن من شأن تلك الجنود أن بعضها يكون به نصر النبي صلى الله عليه وسلم . ونفي العلم هنا نفي للعلم التفصيلي بأعدادها وصفاتها وخصائصها بقرينة المقام، فإن العلم بعدد خزنة جهنم قد حصل للناس بإعلام من الله لكنهم لا يعلمون ما وراء ذلك.[16]
وقوله تعالى : « وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ » هو ردّ على المستهزئين الساخرين،الذي اتخذوا من عدد التسعة عشر مادّة للاستهزاء والسخرية،حتى لقد بلغ بهم القول بأن اللّه لا يملك من الجند إلا هؤلاء التسعة عشر،ولو كان يملك أكثر منهم لجعلهم عشرين لا تسعة عشر .. وكذبوا وضلوا،فإن جنود اللّه لا حصر لها،ولا يعلم عددها إلّا هو سبحانه وتعالى.[17]
وقد ورد في حديث الإسراء أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه،فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ "[18]
وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ »[19].
10) - مخلوقون من نور:
كَمَا أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَلاَئِكَةَ مِنْ نُورٍ ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - « خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ ». ( أخرجه مسلم) [20].
فَتَدُل النُّصُوصُ فِي مَجْمُوعِهَا عَلَى أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ مَخْلُوقَاتٌ نُورَانِيَّةٌ لَيْسَ لَهَا جِسْمٌ مَادِّيٌّ يُدْرَكُ بِالْحَوَّاسِ الإِْنْسَانِيَّةِ ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَالْبَشَرِ فَلاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ وَلاَ يَنَامُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ ، مُطَهَّرُونَ مِنَ الشَّهَوَاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ ، وَمُنَزَّهُونَ عَنِ الآْثَامِ وَالْخَطَايَا ، وَلاَ يَتَّصِفُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا ابْنُ آدَمَ[21]،غَيْرَ أَنَّ لَهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِصُوَرِ الْبَشَرِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى[22] .
لكنه لم يبين لنا النور الذي خُلقوا منه،لذا فإننا لا نستطيع الخوض في ذلك وإنما الواجب الاعتقاد بصحته وصدقه والتوقف عنده.
أما متى خُلقوا فليس هذا أيضا مما ذكر،بل الذي جاءت به النصوص أن خلقهم كان قبلَ خلقِ آدم عليه السلام لأنه تعالى أمرهم بالسجود لآدم عند خلقه،قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة ،وقال أيضا: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29) }سورة الحجر
11)- عِظمُ خلقهم :
لقد ذكر الله تعالى بعض صفات الملائكة في القرآن العظيم، ومن ذلك عِظم خلقهم فقد قال تعالى عن ملائكة النار : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم ،وقال تعالى عن جبريل عليه السلام : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) [الحاقة/40، 41] ،وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أُذِنَ لِى أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلاَئِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ ».( أخرجه أبو داود)[23].
فهذه النصوص وغيرها تبين عظمة الملائكة،فالواجب علينا الإيمانُ بكل ما جاء في ذلك،مع أننا لا نستطيع تصور كيفياتهم، إذ كيف نتصور مخلوقات ذات أجنحة مثنى وثلاث ورباع والجناح ُالواحد يسد الأفقَ،وجبريل عليه السلام له ستمائة جناح كما ورد بذلك الحديث. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلَ فِى صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ. (أخرجه أحمد )[24]
[1] - صحيح البخارى- المكنز - (4857 ) وصحيح مسلم- المكنز - (450)
[2] - صحيح البخارى- المكنز - (3634 ) وصحيح مسلم- المكنز - (6469 )
[3] - المسند الجامع - (4 / 699) (2930) وصحيح مسلم- المكنز - (441 ) -الضرب : الخفيف اللحم الممشوق المستدق
[4] - صحيح مسلم- المكنز - (102 ) -الأُنف : المستأنف الذى لم يسبق به قدر -يتقفر : يطلب ويتتبع ويجمع
[5] - إغاثة اللهفان 2 / 122 .
[6] - المعجم الكبير للطبراني - (2 / 255) (1730) والصحيحة ( 1059) حسن لغيره
[7] - شرح مشكل الآثار - (3 / 167) (1134 ) صحيح
[8] - شرح مشكل الآثار - (3 / 168) (1135) حسن
[9] - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (9 / 858)
[10] - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (12 / 1323)
[11] - المعجم الكبير للطبراني - (3 / 331) (3051) والصحيحة (852) وصحيح الجامع (95) صحيح لغيره
-الأطيط : أصوات الإبل والمراد وجود أصوات شديدة دلالة على كثرة الملائكة وازدحامها- أط : صوت والمراد كثرت الملائكة فيها حتى أحدثت صوتا وضجة
[12]- صحيح مسلم- المكنز - (1282)
[13] - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (13 / 516)
[14] - الحبائك في أخبار الملائك - (1 / 88) وتفسير الفخر الرازى ـ موافق للمطبوع - (1 / 52)
[15] - الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة - (1 / 54)
[16] - التحرير والتنوير - (29 / 296)
[17] - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (15 / 1299)
[18] - شعب الإيمان - (5 / 455)( 3705 ) وصحيح البخارى- المكنز - (3207 ) وصحيح مسلم- المكنز - (429) مطولا
[19] - سنن الترمذى- المكنز - (2482 ) صحيح لغيره
أطت : الأطيط صوت الرحل والإبل من ثقل أحمالها والمراد كثرة الملائكة -الصعدات : جمع صعد وهى الطرقات -تعضد : تقطع
[20] - برقم( 7687 ) -المارج : لهب النار المختلط بسواها
[21] - شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 20 ط دار الكتب العلمية ، وفتح الباري 6 / 353 .
[22] - فتح الباري 6 / 348 - 351 ط دار الريان للتراث - القاهرة .
[23] - برقم(4729) وهو صحيح
تقبلوا ارق تحياتي